سورة الأنعام - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} قال مقاتل: عُرِضُوا على ربهم {قال: أليس هذا} العذاب {بالحق}. وقال غيره: أليس هذا البعث حقا؟ فعلى قول مقاتل: {بما كنتم تكفرون} بالعذاب، وعلى قول غيره: {تكفرون} بالبعث.


قوله تعالى: {قد خسر الذين كذَّبوا بلقاء الله} إنما وُصِفُوا بالخسران، لأنهم باعوا الإيمان بالكفر، فعظم خسرانهم.
والمراد بلقاء الله: البعث والجزاء؛ والساعة: القيامة؛ والبغتة: الفجأة.
قال الزجاج: كلُّ ما أتى فجأة فقد بغت، يقال قد بغته الأمر يَبْغَتُه بَغْتاً وبغتةً: إذا أتاه فجأة. قال الشاعر:
وَلكَِنَّهم بانُوا وَلَمْ أَخْشَ بَغْتَةً *** وَأَفْظَعُ شيءٍ حِينَ يَفْجَؤُكَ البَغْتُ
قوله تعالى: {يا حسرتنا} الحسرة: التلهف على الشيء الفائت، وأهل التفسير يقولون: يا ندامتنا.
فإن قيل: ما معنى دعاء الحسرة، وهي لا تعقِلُ؟
فالجواب: أن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن عظيم ما تقع فيه، جعلته نداءً، فتدخِلُ عليه يا للتنبيه، والمراد تنبيه الناس، لا تنبيه المنادي. ومثله قولهم: لا أرينَّك هاهنا، لفظه لفظ الناهي لنفسه، والمعنى للمنهي؛ ومن هذا قولهم: يا خَيْلَ الله اركبي، يراد: يا فرسان خيل الله. وقال سيبويه: إذا قلتَ يا عجباه، فكأنك قلت: احضر وتعال يا عَجَبُ، فهذا زمانك. فأما التفريط فهو: التضييع.
وقال الزجاج: التفريط في اللغة: تقدمه العجز. وفي المكني عنه بقوله: {فيها} ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها الدنيا، فالمعنى على ما ضيعنا في الدنيا من عمل الآخرة، قاله مقاتل.
والثاني: أنها الصَّفقة، لأن الخسران لا يكون إلا في صفقة، وَترك ذكرها اكتفاءً بذكر الخسران؛ قاله ابن جرير.
والثالث: أنها الطاعة، ذكره بعض المفسرين.
فأما الأوزار، فقال ابن قتيبة: هي الآثام، وأصل الوزر: الحمل على الظهر. وقال ابن فارس: الوزر: الثقل. وهل هذا الحمل حقيقة فيه قولان:
أحدهما: أنه على حقيقته. قال عمير بن هانئ: يحشر مع كل كافر عمله في صورة رجل قبيح، كلمَّا كان هَوْلٌ عظَّمه عليه، وزاده خوفاً، فيقول: بئس الجليس أنت، مالي ولك؟ فيقول: أنا عملك، طالما ركبتني في الدنيا، فلأركبنك اليوم حتى أُخزيَك على رؤوس الناس، فيركبُه ويتخطى به الناس حتى يقف بين يدي ربه، فذلك قوله: {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم} وهذا قول السدي، وعمرو بن قيس الملائي، ومقاتل.
والثاني: أنه مثل، والمعنى: يحملون ثقل ذنوبهم، قاله الزجاج. قال: فجعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أَثْقَلِ ما يُتحَمَّل، ومعنى {ألا ساء ما يزرون}: بئس الشيء شيئا يزرونه، أي يحملونه.


قوله تعالى: {وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: وما الحياة الدنيا في سرعة انقطاعها، وقصر عمرها، إلا كالشيء يلعب به.
والثاني: وما أمر الدنيا والعمل لها إلا لعب ولهو، فأما فعل الخير، فهو من عمل الآخرة لا من الدنيا.
والثالث: وما أهل الحياة الدنيا إلا أهل لعب ولهو، لاشتغالهم عما أمروا به. واللعب: ما لا يُجدي نفعاً.
قوله تعالى: {وللدار الآخرة خير} اللام: لام القسم، والدار الآخرة: الجنة، {أفلا يعقلون} فيعملون لها. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، {يعقلون} بالياء في الأنعام، والأعراف، ويوسف، ويس، وقرؤوا في القصص، بالتاء. وقرأ نافع كل ذلك بالياء، وروى حفص عن عاصم كل ذلك بالتاء، إلا في يس {في الخلق أفلا يعقلون} [يس: 67]، بالياء، وقرأ ابن عامر الذي في يس بالياء، والباقي بالتاء.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12